26 - 06 - 2024

عاصفة بوح | شخصية العام.. كورونا وأخواتها

عاصفة بوح | شخصية العام.. كورونا وأخواتها

هي قطعا شخصية العام، تلك الزائرة التى طال مكوثها فى حياتنا، فغيرتها وبدلتها واقتحمتها وجالت فيها تغييرا وتبديلا وأمراضا وتقتيلا.. نعم هي الكورونا اللعينة الدامية، التى خرجت منكهوف مجهولة لنا،  معلومة بالتأكيد للذين اختلقوها أو صنعوها أو استغلوا وجودها، حتى لو كانت مجرد حادثة او قضاء وقدرا. لأنه حتى الآن لا أحد من العامة يعرف حقيقيتها ولا مغزاها ولا الغرض من إطالة الزيارة الثقيلة.. ضيف رزيل يتحور ويتبدل ويتشكل ويتخفى، ليطيل مكوثه على قلوبنا وحياتنا ويقلبها راسا على عقب!

هل تتذكرون البدايات وما صاحبها من شائعات، ما عشناه واقع غريب لا يصدق، لا نشاهده إلا فى أفلام الخيال العلمي.. فيروس قاتل يجتاح العالم ويغير ملامحه ونوعية حياته، بتأثيره على البشرية يجعل ما بعد الفيروس مختلفا تماما عما قبله، حتى أن الناس بدأوا يؤرخون لحياتهم بما قبل وبعد الوباء.. نعم أختار كلمة الوباء عن تلك التسمية المتهورة الجائحة، لما فيها  تغليظ المسمى كأنه لم تعد تكفينا أهواله. 

لعل أعظم ما أصابنا منه، أنه جعلنا نصدق أن المستحيل يحدث، وأن الأفكار المجنونة التى سبقنا لها الكتاب والمفكرون قابلة للتحقيق، وما نراه مستبعدا ويشعرنا بالامان تجاه خيال كنا نراه على الشاشة، أصبح حقيقة نتعايش معها وتتحول عقولنا الى فئران تجارب لمن يروجون لأسباب ذلك الفيروس، وأصبحنا نتساءل السؤال الإكليشيه: في أي جريمة يدرسها طلاب سنة أولى حقوق ومن مدمنى برامج راديو وتليفزون زمان: من المستفيد من الجريمة؟ من الذى نال أعظم المكاسب؟ تعرف بالضبط من الذى اخترع ومن الذى استفاد؟

نتذكر جميعا فى  بداية الفيروس أواخر 2019 قيل أنه فيروس مصنع، كانت تجرى عليه التجارب وأفلتت منهم، منطقي، حادثة مثل الإيبولا والسارس  وحتى الإيدز، ونتذكر اتهام القرد المسكين الذى هرب وانتقل للغابة ومنها للعالم الخارجي، وصنعوا أفلاما حوله، وكيف أن الحكومة الامريكية التي كانت المسؤولة عن تلك التجارب أحرقت القرية المتسرب منها القرد وسوتها بالأرض، هى وعلماءها وأطباءها وكل من عرف شيئا عن الموضوع.. فى عملية مخابراتية نظيفة مئة فى المئة. هكذا أرخت أفلامهم للعملية الدنيئة تطبيقا للمثل الشائع "الهزار اللى أبوه جد"!

 فى موضوع كورونا ما هو الهزار اللى ابوه جد؟ قيل فيما قرأناه فى العالم الافتراضي أشياء عجيبة وغريبة خرج علينا أناس يعلنون هويتهم، ويقولون بكل جرأة أن هذا الفيروس مصنع من قوة الشر أو الماسونية العالمية و لمن لا يعرف معنى تلك الكلمة، مجموعة من أصحاب المصالح الاثرياء جدا يشكلون مجلس إدارة سرى وخفى ومكون من الأثرياء وأصحاب السلطة يديرون شؤون العالم في خفاء ويحددون مصيره.. من يعيش ومن يموت، من يتمتع بثروات البشر ومن يظلون مجرد عمال أو عبيد يحققون للأسياد ما يريدونه.. فمن أراد تحديد عدد سكان الأرض، ما عليه سوى إطلاق فيروس لا يكلف  شيئا ويقوم بالواجب. و جاؤوا بالادلة، حديث لفلان أو علان من سنة أو سنوات يؤكدون أنه آن الاوان لتقليل السكان حتى تكفى الموارد وإلا سيهلك الجميع ؟ وهم يختارون من يستحق الحياة ومن وجوده عبء على البشرية 

وغرقنا جميعا فى نظرية المؤامرة.. فالعالم الفلانى بتلك المؤامرة اختفى فجأة من على وجه الأرض.. والصحفى العلانى الذى حصل على مستندات تؤكد نظرية المؤامرة المخيفة هو أيضا وجد مقتولا.. وتكررت النماذج، بل وصل الأمر إلى أن اللقاحات التى تقاتلت عليها الدول وارتكبت فى سبيلها القرصنة للحصول على كمية تكفى شعوبها وسحقا لبقية العالم، قيل عنها أنها تهدف إلى  التغيير الجينى فى الإنسان حتى يتحول إلى عبد مطيع يحقق لأسياده الثروة والنفوذ، دون منغصات مثل الاعتراضات والثورات والانتفاضات .. كن عبد مطيعا تعش طويلا دون الفيروس وتبعاته. 

لذلك اعترض الكثيرون فى أنحاء المعمورة على تلقى اللقاح وفضلوا مناعة القطيع، أي يتركوا لأنفسهم ومناعتهم فرصة تحديد مصيرهم، لا أن يتلاعب أحد بجيناتهم فيتحولون لحيوانات مطيعة كنساء شيوخ الفتنة والغلو والاسلام السياسي!

و لكن لأن الإنسان حيوان مفكر وله ذاكرة تحتفظ بالتجارب، خصوصا تجارب ميلاد الديكتاتوريات، وجدوا ان الفيروس يحققق لبعض الحكام - الذين تربوا على الديموقرطيات وحق الاختيار وهلم جرا - فرصة لتجربة طعم القمع ولذة الطغيان والسيطرة على شعوبهم الحرة, ليدخلوها إلى بيت الطاعة السياسى  بتدريبها على سماع أوامر الأخ الكبير.. إغلاق جزئي، حاضر يا افندم.. إغلاق تام، تمام يا افندم.. إلبس الماسك واختنق، طلباتك أوامر يا افندم.. شركات متوسطة و صغيرة تفلس، فتشتريها الشركات العملاقة برخص التراب، دول تخنقها الديون فتسيطر عليها من ترصدتها لخيراتها سنوات.. تجارة عالمية تكسد، تجارة اليكترونية تزدهر.. ارتفاع أسعار سلع وانخفاض أسعار ممتلكات، يتخطفها مال صياد.. يتغير شكل الكون وتعلمه الكورونا ما لم تعلمه الأيام و الليالى.. من أنتج سلم، بعد توقف نقل  البضائع  بسبب الوباء.. ومن تقاعس واعتمد على الاخرين فقد طعامه وحريته وكرامته فمات بائسا.. هكذا ببساطة!

أفقدوا الإنسان حريته.. لاتستطيع أن تكون حرا فى زمن الكورونا، تريد ان تفرض رأيك؟ على نفسك ماشى، ترفض اللقاح حتى لا تتحول الى زومبى أي الميت الحي، تمام  لكن اجلس فى بيتك حتى تموت سأما أو من الوحدة.. فممنوع أن تشارك فى الحياة إلا وأنت جزء من القطيع، هكذا فهموا الرسالة فغصبوا! ولكن كما يقول المتخذلقون.. مرت الموجة الاولى ولم يتحصلوا على  العدد المتفق عليه.. هكذا يدعى المخبولون فأتت الموجة الثانية، مازال العدد أكثر مما يجب.. فتحور الفيروس وتوالد و جاء بمتحور دلتا ثم أوميكرون.. ومازالت الأهداف ناقصة والنتائج أقل مما يجب.. إذن، فهو باق معنا فترة أخرى.. مع أنه يقال "يا بخت من زار وخفف".. لكن الكورونا جاءت لتبقى .. وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء!.
-----------------------
بقلم: وفاء الشيشيني
من المشهد الأسبوعي


مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | حسابات دقيقة وحسابات قبيحة





اعلان